وفقًا للعلوم الروحانية الأنثروبوسوفية، فإن حياة الإنسان هي رحلة لتطوير الوعي. نقسم الحياة إلى مراحل من سبع سنوات؛ كل فترة من هذا القبيل تسمى "سبعيّة"، وكل سبعيّة هي مرحلة تطور أخرى ومختلفة في الحياة. في السبعيّة الثالثة (الأعمار من 14 إلى 21 عامًا) يتطور الجهاز العاطفي ويظهر عند الأولاد والبنات بكامل قوته. يسمى هذا النظام العاطفي في المصطلحات الأنثروبوسوفية: الجسم النفسي (الجسم الأسترالي).

يرتبط كل عام في السبعيّة بكوكبٍ مختلف. تُعرف السنة الوسطى في السبعيّة باسم: سنة الشمس.

بالنظر إلى الشمس من منظور أرضي، نرى أنها الرابعة (الوسطى) بين الكواكب السبعة في نظامنا الشمسي المرتبطة بتطور الإنسان والأرض (الأرض، عطارد، الزهرة، الشمس، المريخ، كوكب المشتري وزحل).

ترمز الشمس إلى نور الوعي، وكذلك الذات الأبدية العليا للإنسان (الأنا الأعلى). ترتبط الشمس بالمستقبل. تتجلى صفة الشمس بشكل رئيسي في منتصف السنة من كل سبعيّة، ولكنها تنعكس أيضًا على السنوات المجاورة لها على كلا الجانبين. يعدّ منتصف السبعيّة فترة مهمةً في حياة الإنسان. في هذا الوقت، تتجلى الذات الروحية للإنسان بشكل بارز في حياته.

سنة الشمس في أول ثلاثة سبعيّات – 

  • السبعيّة الأولى: سن 3 سنوات أو نحو ذلك، حيث يقول الطفل كلمة "أنا" عن نفسه، وتصوره الأولي جدًا لنفسه على أنه ذات منفصلة.
  • السبعيّة الثانية: سن 9-10 "ولادة الوعي بالذات". تتجسد الذات من خلال لقاء الولد مع الشعور بالوحدة والانفراد[1].
  • السبعيّة الثالثة: سن 17،  مرة أخرى،  من خلال حدث ملموس، يلتقي الانسان "بتجربة الشمس". يتم هذا اللقاء مع نهاية فترة عملية النمو تقريبًا، مع اكتمال التحول الجسديّ.

تتميّز السبعيّة الثالثة بالازدواجية، والتي تتجلى في الفصل بين قطبين – الفصل بين العلوي والسفلي، الذي يتجلى في العقلانيّة مقابل النشاط الجنسي. تحدث هذه القطبية بشكل خاص عند الأولاد، بينما يكون العنصر العاطفي الموجود في الوسط مهمل. يمكن العثور على نموذج أصلي لهذا الفصل في الحدث الموصوف في الكتاب المقدس والمعروف باسم "الجراحة الكونية"، حيث تم تقسيم الإنسان الكامل إلى قسمين – رجل وامرأة.

 21 فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. 22 وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. 23 فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». 24 لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. التكوين 2

النموذج الأصلي للإناث مرتبط بالعاطفة، الحيز الذي يتوسط بين التفكير والإرادة. يرتبط النموذج الأصلي للذكور بالطرفين – التفكير من ناحية، والارادة (العمل الدنيوي في المادة) من ناحية أخرى.

الفصل الآخر الذي يحدث في هذه الأعمار هو الفصل ثنائي التفرع بين الخير والشر؛ يميل المراهقون إلى استيعاب المواقف والناس بطريقة متطرفة ومستقطبة. ينعكس هذا في الأيديولوجيات أحادية الجانب التي يتبنوها بفعل الحماس النفسي، وفي الآراء الحازمة حول العالم. في هذه الأعمار، ينقسم العالم إلى "أبيض وأسود".

الأنا الروحي الاعلى، صورة الله، هي العامل المُوحِّد، الكلي في الإنسان. تحدث "ولادة الأنا" فقط في سن 21 عامًا.  في سن السابعة عشرة "يلامس" الأنا الروحي الاعلى الإنسان ويتيح له ان يلقي نظرة خاطفة على كيانه الكامل الغير متعلق بالانقسام والانفصال.

من الممكن أن تتجلى إحدى النتائج المرافقة لحدث جيل 17 في تغيير الموقف تجاه الوالدين. نفس الوالد الذي أصبح "عَرَضِيّ" في سن الثانية عشرة أو نحو ذلك، يصبح شخصية "انسانيّة" مرة أخرى، او حتى يصبح صديقًا في العديد من المرات.

يمكن لحدث جيل 17 أن يلقي ضوء على الكارما والدرس الروحي الذي سيتضح لنا  أكثر فأكثر في وقت لاحق في الحياة. في هذا العمر، يكتشف كل واحد منا شيء مختلف عن نفسه وعن العالم، أحيانًا من خلال حدث صعب ومؤلِم (على الرغم من أنه فيما يبدو يمكن الاعتقاد أنه من المفترض أن تكون سنة الشمس "مشرقة"). يتيح الاكتشاف الخاص، المتفرد في السير الذاتية المختلفة للأشخاص، لمحة خاطفة عن "كواليس" الكارما.

يمكننا أن نعطي مثالاً عن سن 17 من حياة الكاتب دوف إلبويم، كما هو مكتوب في كتابه – "رحلة في المدى الخالي". ننوّه أنه بعد الحدث الحاسم في هذا العمر، ترك إلبويم، الطالب الديني البارز، أسلوب الحياة الديني-الشرعي المقبول واتجه إلى مسار جديد.

"رويدا رويدا بدأت اقترب من إدراك عميق للتخلي عن المدرسة الدينية ومغادرة المجتمع الديني، بالذات في الوقت الذي كان فيه إحساسي بالقرب من الله في ذروته. يبدو لي أنني عندما رأيت الله ملك حياتي ، عندما حرصت على القيام بكل شريعة، خفيفة أو متشددة، أدركت على وجه التحديد أنني كنت أدفع ثمنًا نفسيًّاً كبيرًا جدًا. عقد الخضوع هذا الذي نشأت عليه، والذي تبلور بداخلي في صباي، خرّب القدرة على أن أكون بالقرب منه بشكل واع ودون خوف، وإجراء حوارٍ حقيقيٍّ معه. التناقض الهائل بين إله قوانين "شولحان عروخ" وإله صلاتي ازداد قوة. شعرت في أعماق روحي أني لا أريد أن أدفع هذا الثمن. تركت عالم الطرق الواضحة لأسباب دينية تحديدًا، لأنني أدركت أنه بدون الاقتراب من الله، حياتي ليست حياة ".

البويم ، رحلة في الفضاء الحر ، 2007 ، ص .126

 

حدث بيوغرافي

"لقد نشأت في كيبوتس في مجتمع مغلق ومحدود للغاية. في سن السابعة عشر كنت في ذروة أزمة اجتماعية ونفسية طويلة الأمد، شعرت باليأس وأردت ان اموت. لم أستطع تخيل أي شيء آخر، لم أستطع أن أتخيل أن هناك مجتمعًا مختلفًا، أو مستقبلًا مختلفًا. كما أن نظرتي لنفسي وتعريف هويتي (كما هو مناسب في هذا العمر) نبعا من الخارج وليس من الداخل. في سن السابعة عشر ونصف تم اختياري للذهاب في بعثة إلى خارج البلاد مع فتيات إسرائيليات وفلسطينيات و إيطاليات. لمدة أسبوعين، كنت فجأة في واقع مختلف تمامًا، ازدهرت اجتماعيًا، وكان لدي مكانة مركزية وقيادية. تلقيت تذكيرًا بأنه يوجد خارج الكيبوتس عالم آخر، واقع آخر، أن هناك "أيليت أخرى". عندما عدت إلى إسرائيل عاد كل شيء كما كان إلى حد ما، لم يتغير الواقع واستمرت الفترة الصعبة حتى نهاية المدرسة الثانوية. ومع ذلك، في هذا الحدث في سن السابعة عشر، في غمضة عين، لمست ذاتي العليا كياني الداخلي، وسمح لي أن أخطف نظرة من المكان الصغير والجزئي الذي كنت فيه إلى العالم المخفي ما بعده ، إلى شيء آخر ينتظرني وإلى "إيليت أخرى" ".

[1] انظروا مقال عن سن 9، ص 25

print