أورنا بن دور
ترجمت: سهى ثابت حلبي.
"إذا لم تتعلم هذا، كيف تموت وتكون – عندها ستكون هائم عابر على هذه الأرض." جوته
سؤال منتصف العمر هو السؤال الأهم في حياة الإنسان، وفهمه يفتح لنا بابًا واسعًا لمعرفة أنفسنا، الآخرين والعالم.
لكي نتمكن من الخوض في مسألة منتصف العمر، يجب أن نسأل أولاً – من هو الإنسان؟ من هو الكيان الإنساني الذي نحصل عليه في بداية حياته كطفل غض، ونرافقه حتى شيخوخته؟
في الكتاب المقدس، في "سفر التكوين"، تم وصف قصة خلق الإنسان في فصلين، أ و ب ، حيث يرد في كل فصل وصف مختلف للإنسان.
في الفصل 1 مكتوب: 26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. 27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
بينما في الفصل 2 مكتوب: 7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.
من ناحية، الإنسان كائن روحي على صورة الله، ومن ناحية أخرى، كائن مادي مصدره الأرض. بين الطرفين توجد النفس الحية.
تتمثل مهمة الإنسان الفريدة على الأرض في الدمج بين الروح والمادة، وهما جوهران مختلفان ومتعاكسان، والسماح للروح برفع المادة والنفس، صقلهما ومنحهما التحول. في اليهودية، يوصف الإنسان بأنه "تاج الخليقة". يراقبه الكون كله بخوف وارتعاش – فهل سينجح في هذه المهمة المستحيلة التي تفرّد بها، وهي الحياة المزدوجة لكائن روحي داخل جسد دنيوي؟ الجمع بين الاثنين في كيان واحد؟
يحتاج المادة والروح إلى بعضهما البعض. تحتاج المادة إلى الروح لكي يتم إحياؤها ولكي تتطور. الروح بحاجة إلى مادة لتنعكس فيها وتتعرف على أفعالها: – 3 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ. 4 وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. تكوين 1
في الحياة الإنسانية كل فكر او مثل عليا تبقى في حيز التفكير والتنظير، تصبح عقيمة وغير فاعلة وفعالة
تتم عملية استيعاب الروح في المادة، وتحويل المادة (والنفس) في السيرة البشرية جمعاء، وفي الإنسان كفرد، على مرحلتين.
- المرحلة الأولى: من الولادة إلى منتصف الحياة (35-42) – اكتمال الروح داخل المادة (Incarnation – التجسد).
- المرحلة الثانية: من منتصف الحياة إلى نهايتها – الخروج من التجسد والعودة إلى الروح (Excarntion).
النصف الأول من حياة الإنسان – بناء الأدوات
حتى منتصف العمر، نكرس حياتنا لمهمة تجسيد الروح في المادة، وهي عملية تُعرف بالتجسد (Incarnation).
بعد فترة وجيزة من الحمل، تتجسد الروح الأبدية الفردية في جسد مادي. تبدأ الرحلة الأرضية بالولادة، وتبدأ الروح البشرية في العيش في عالم حيث تتعلم قوانينه تدريجياً. أول شيء يفعله الطفل عند الولادة هو التنفس. التنفس هو دخول الروح إلى جسد الإنسان، وبداية "قصة" مستمرة بينها وبين الجسد. هذه سيرورة الخروج من الاتحاد الأول، من أجل بدء الرحلة إلى معرفة الذات كذات منفصلة وحره، في سبيل تطور وإصلاح النفس.
خلال النصف الأول من حياتنا نبني أنفسنا كبشر على الأرض. في المجتمع الغربي، ينعكس هذا في النمو، التعليم في رياض الأطفال والمدارس، إيجاد مكاننا في مجموعة الأقران، العلاقات الزوجية، التعلم، السفر إلى خارج البلاد، بناء الأسرة ، المنزل، والعمل. هذا هو "المسار" العام، الذي يندمج فيه كل منا وفقًا لحياته الشخصية ومصيره.
في هذه السنوات نلتقي بقدرنا الذي يأتي إلينا من خلال الناس، التجارب، الأمراض، الأزمات وما شابه. خلال الحياة نشعر بمشاعر مختلفة، بما في ذلك المشاعر قاسية مثل الوحدة والاغتراب.
الاحتكاك مع العالم (بشرط أن نكون قد احتككنا معه ولم نهرب من الاتصال به)، يسمح لنا ببناء أدوات معرفية وعاطفية وعملية لمعرفة أنفسنا ومعرفة العالم، والتي ستخدمنا في الجزء الثاني من حياتنا لتحقيق مصيرنا وهدفنا.
اذهب
يُعرف عمر 33 عامًا في المصطلحات الأنثروبوسوفية-البيوغرافية باسم عمر الانقلاب. الانقلاب بين ماذا وماذا؟
انقلاب بين التماهي مع الكيان الأرضي الذي هو الغلاف الخارجي، والتماهي مع الكيان الروحي-الأبدي.
ما هي اقنعتنا؟ ما الذي يجب أن نتركه؟ الى أين علينا أن نذهب؟
يتجسد النموذج الأصلي لترك القديم والسير إلى الجديد والمجهول في شخصية سيدنا إبراهيم.
قيل في سفر التكوين:
وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. سفر التكوين 12
يقول المفسرون: "إذهب إلى الأرض التي سوف أريك" – اخرج واذهب إلى المجهول ، لكن تحت العناية الإلهية – سوف أريك. سيريه الله الطريق.
اذهب – اذهب إلى نفسك\ذاتك؟ ، إلى تصحيح نفسك ، إلى ما أنت عليه ، إلى طبيعتك الإلهية قبل أن يتم تغطيتها بالملابس.
وما ملابسنا؟
من بلدك – من تأثيرات المكان الجغرافي والبيئة والثقافة التي ولدنا فيها ، والتي بلورتنا على شكلها.
من وطنك – الصفات الوراثية، الخلفية، البنية النفسية للوالدين الذين يؤثرون فينا ويحفرون بصماتهم في نفوسنا.
من منزل والدك – من كارما الوالدين ، والتي تشمل المهنة والغاية. البحث عن مهنتي وغايتي بغض النظر عن انتمائي للعائلة وتوقعاتها مني.
ويخرجه – لا يمكن أن تخروج بمفردك وبطاقاتك الذاتية، بل فقط من خلال الفضل والنعمة. على الانسان تحمل مسؤولية بناء الأدوات بحيث يمكن استيعاب النعمة والفضل.
قام إبراهيم بخطوة جعلت النعمة ممكنة: فقد انتقل من القديم إلى المجهول ، على ما يبدو بدون سبب ، لمجرد أن الله أمره بذلك. قصة إبراهيم هي قصة كل منا – الطريقة التي نتحرر بها من الأنماط التي تعيقنا ؛ وصية "اذهب" هي وصية إلهية-روحية داخلية لتقويم الذات. نحن ملزمون بأن نكون فردانيين بكل حواسنا ، فعندما يذهب الإنسان إلى ذاته ، تنكشف له الحكمة الإلهية ، ويذهب إلى مكان ليس فيه بداية ولا نهاية – مكان أبدي.
وفقًا للعلوم الروحية الأنثروبوسوفية ، فإن العمر الذي زرعت فيه البذرة ل: "اذهب" هو 33.
بعد المرحلة الأولى خلال النصف الأول من حياتنا ، وهي تجسد الروح داخل حياة ملموسة ، في منتصف العمر (الأعمار من 33 إلى 42 عامًا) نقف امام سؤال جديد لم يتم طرحه من قبل. نحن أمام مفترق طرق. في هذه المرحلة من الحياة ، يعاني الكثير منا من الفراغ وحتى اليأس ، على الرغم من أننا نكون قد حققنا ما أردناه على الصعيد الدنيوي المادي والنفسي: لقد بنينا أنفسنا من الناحية المهنية، المالية، الزوجية، الأسرة وما إلى ذلك.
يبدأ التوق في الاستيقظ فينا ، بداية دون وعي ، لشيء أكثر داخليًا ، وأكثر ارتباطًا بجوهرنا ، بجذورنا ، الذي يتجاوز ذاتنا. هذا هو جوهرنا الحقيقي الذي هو روح أبدية تتجسد في المادة وتوجهنا إلى هدف حياتنا وإلى غايتنا خلال هذه الحياة. بالبداية تظهر الأسئلة مثل: من أنا؟ هل إنجازاتي حتى الآن ترضيني؟ هل ستستمر حياتي كما هي حتى يوم وفاتي؟ هل احقق ذاتي؟ ما الذي يجب علي التخلي عنه؟ هل انا مستعد للاستسلام؟ وغيرها من الأسئلة المتعلقة بتحقيق الذات والغاية.
نقطة المنتصف هذه في حياتنا هي نقطة حرجة ، وستحدد بطريقة ما بقية حياتنا. ستقودنا إلى فترة يمكن تسميتها: "فترة الصحراء".
عندما خرج بنو إسرائيل من مصر ، من بيت العبيد (ولسنا جميعًا عبيد لنفسنا ، عاداتنا ، رغباتنا ، مخاوفنا وأنماط سلوكنا وتفكيرنا؟)، كان عليهم المرور عبر الصحراء للوصول إلى أرض الميعاد. عندما بدأت المصاعب في الصحراء ، اشتكى الإسرائيليون إلى موسى وطلبوا منه لإعادتهم إلى مصر – إلى قدر اللحم ، الذي بدا من منظور الوجود بالصحراء مكان يتوقون للعودة إليه.
جيل العبيد لم يدخل للبلاد. كان عليه أن يمشي في الصحراء لمدة 40 عامًا ويموت هناك. فقط أحفادهم – الأحرار – سُمح لهم بدخول أرض الميعاد.
لكي ندخل إلى أرض الميعاد ، يجب أن نموت بمصر ، نمر في صحراء مقفرة ، هاوية مرعبة. هذه تضحية بالأمن بكل معنى الكلمة. ومع ذلك ، لسنا مطالبين بالتضحية بكل شيء دفعة واحدة ، انما في مراحل مناسبة لقدراتنا النفسية. بدون موت لا توجد قيامة ، يجب أن يفسح القديم الطريق للجديد. ولكي نصل إلى الجديد ، يجب أن نمر عبر الفوضى ، "العدم" ، "الموت".
الخلق بنفسه خلق من الهيولى، من الفوضى:
1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2 وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. التكوين 1
حتى في حياتنا ، فإن الهروب من الفوضى، من الهاوية، من القفر وكل المشاعر التي يثيرونها فينا ، لا يمكن أن تحدث إلا من خلال "روح الله" – الجوهر الروحي في داخلنا ، والذي ، مثل طائر الفينيق ، يولد دائمًا من جديد من الرماد. تبدأ عملية الموت والبعث من جديد في منتصف العمر.
يصف دكتور رودولف شتاينر ، مؤسس علم الروح الأنثروبوسوفي ، عملية مماثلة حدثت في البشرية كلها في وقت معين من تطورها.
منتصف حياة البشرية – الضحية والنعمة\الفضل
خلال العديد من العصور والفترات ، كانت البشرية ككل أكثر ارتباطًا بعوالم الروح ومتحدة معها ، أكثر من ارتباطها بالعالم المادي (مثل الطفل الذي يرتبط بأمه ، ويبدأ تدريجيًا في الانفصال عنها). تدريجيًا ، نشأ عالم "سميك" صلب وخشن ، وهو العالم الأرضي الذي تجسدت فيه البشرية. مرت البشرية بمرحلة منتصف العمر حوالي عام صفر ميلادي. في هذه المرحلة كان هناك توازن بين القوى المادية والقوى الروحية – حدث هذا بفترة اليونان القديمة – كانت البشرية معرضة لخطر كسر هذا التوازن والتدهور في المادية المفرطة ، وبالتالي فقدان إمكانية تطوير روحانية متجددة. إن الإنسانية التي تتماهى مع كيانها المادي ، وتعمل فقط لإشباع الحاجات المادية ، تفقد ارتباطها بأصلها ، وتصبح محكومة باليأس وفقدان الذات.
في مرحلة معينة ومحددة – والتي يمكن مقارنتها بمنتصف حياة الإنسان الفرد – نزل كيان روحي رفيع إلى الأرض ، حتى ذلك الوقت كان يعمل خلال جميع العصور من عوالم الروح ، وذلك من أجل السماح للبشرية جمعاء بالعودة تدريجياً إلى عوالم الروح أثناء تحول المادة مرة أخرى إلى روح ، وهو الشيء الذي لم تستطع البشرية القيام به بمفردها. لقد كان ذلك دافعًا روحيًا هائلًا ولمرة واحدة ، منع تدهور البشرية، موتها واختفائها.
وفقًا للعلم الروحي ، فإن هذا الكيان مذكور في الكتاب المقدس مرة واحدة فقط تحت اسم: الله العلي ، في اللقاء بين ملكيصادق وإبراهيم.
18 وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ. 19 وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، 20 وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. التكوين 14
الله العلي، روح شمسية إلهية سامية ، عملت على مر دهور من خلال عوالم الروح ، وعرفت بأسماء مختلفة في الحضارات القديمة – نزلت تدريجياً إلى الأرض حتى المرحلة التي تجسدت فيها في جسم الإنسان المادي ، من أجل مساعدة الإنسانية لتعيد التواصل مع عوالم الروح.
هذه النقطة في تطور البشرية هي "منتصف العمر" للبشرية جمعاء ، وهي أيضًا نقطة التحول.
وفقًا للأنثروبوسوفيا ، فإن الكيان الشمسي العالي الذي تجسد في انسان معين ، مات على الصليب من أجل أن ينبعث في جسم حيوي ، جسم أثيري. سمحت تجربة موت وقيامة الله العلي لجميع البشر إمكانية الانبعاث من الرماد ، سواء خلال حياة واحدة أو خلال العديد من الحيوات. هذا هو السر الحقيقي لحادث الجولجوتا.
"كان لا بد من ان تتدفق قوة سماوية قوية إلى المادة، والتضحية بنفسها في هذه المادة. فالمطلوب أكثر من اله يرتدي قناع بشري ؛ كان هناك حاجة إلى انسان حقيقي لديه قوى بشرية ، يحمل الإله بداخله. .حدث الجولجوتا كان يجب أن يحدث كي يجعل المادة التي يتواجد بها الانسان قادرة على ان تتطهر وتصبح مقدسه. عندما يتم تنقية عناصر المادة وتقديسها ، يصبح فهم الحكمة القديمة ممكنًا مرة أخرى خلال التجسدات المستقبلية. يجب أرشاد الجنس البشري نحو فهم حقيقي لمعنى حدث الجولجوتا ، مدى أهمية هذا الحدث للجنس البشري ، ومدى تأثيره الحاد على جوهر ووجود الجنس البشري ".
شتاينر، 'مبدأ التدبير الروحي فيما يتعلق بمسائل التناسخ، من زاوية التوجيه الروحي للإنسان'، محاضرة 8، 1909
أقام الإله الاعلى في جسد الإنسان يسوع لمدة ثلاث سنوات، بين سن 30-33، وهو العمر الذي صلب فيه. خلال هذه السنوات الثلاث، ضعفت قواه الروحية والجسدية، نتيجة لمحدودية الجسد المادي الذي كان يحتوي على مثل هذه الروح القوية بداخله. يشار إلى هذه السنوات الثلاث في السيرة البشرية بـ "امتحان الارض" ، وتعتبر سنوات صعبة. سن 33 هو نموذج أصلي للموت والبعث في سيرة الإنسان.
إن نزول الإله الأعلى إلى جسد بشري ، وربط مصيره بمصير البشرية ، هو عمل تضحية كوني. في الحياة الشخصية ، وكذلك في الحياة الاجتماعية والمجتمعية، لا يوجد بعث بدون تضحية.
"خرجت البشرية من الوحدة، ولكن حتى الآن أدى التطور الأرضي إلى الانفصال. في صورة كيان المسيح ، أولاً وقبل كل شيء، تم إعطاء مثال يعمل ضد كل انفصال. اذ ان الانسان الذي يحمل بداخله اسم المسيح، تعيش فيه قوى كيان الشمس الاعلى، حيث تجد كل نفس إنسان مصدرها الأساسي … وفوق كل المصالح المنفصلة وأنواع التضحية المنفصلة، ظهر الشعور بأن أصل الذات الأعمق لكل شخص موجود في المصدر نفسه ".
شتاينر ، علم الغيب في خطوطه الرئيسية، 1998، ص 180
لقد منح تجسد الإله الأعلى في جسد آدم البشري، ولأول مرة، كل انسان في عصرنا إمكانية – بالإضافة إلى المسؤولية – للعثور على الله داخل نفسه.
منذ منتصف حياته، لم يعد بإمكان الإنسان أن يبحث عن الله في الخارج. مطلوب منه أن يعود ويجده داخل نفسه، فهو يحول الأجزاء النفسية السفلية بداخله إلى أعضاء روحية جديدة.
***
الآن أنا أتضاءل إلى ذرة صغيرة من اللانهاية.
سأنظر بدهشة كيف سيمر كل شيء.
ترانيم وجودي
تسقط مني ،
مثل فتات الطين
التي علقت بي في طريقي.
سأدع المطر يغسلني،
يطهرني.
علي أن اتخلى عن
كل ما اتمسك به.
الخوف يسخر منيّ ،
يقول لي: خذي هذا فقط!
لا، أقول له
ليس هذه المرة!
هذه المرة علي أن أتخلص من بشرتي البيضاء
ليدخل الظلام
ان اتجرّد تماما
و انتظر
ان أصدق
بأن ضوء جديد
سوف ينبثق
غدا ايضا
(ياعيل عرموني)